الجمعة، 21 يوليو 2017

احيقار الحكيم - Gilgamesh Sumerian



كانت الأسفار الحكمية في العهد القديم تعتبر أقدم النصوص التعليمية المدونة ، والحقيقة أن ذلك شهادة زور على العهد القديم ، إذ تبين و بالتحقيق العلمي الدقيق، أن الحكمة نبتت على ضفاف الرافدين و نمت و ترعرعت حتى امتدت فروعها إلى الشعوب المجاورة و ما بعدها ، بدءاً بالسومريين و مروراً بالأكديين والبابليين وانتهاءاً بالأشوريين الذين في عهدهم أينعت الحكمة وازدهرت على لسان «احيقار» وزير الملك سنحاريب الأشوري.
بطاقة احيقار الشخصية 
هو شخص عاش فعلاً في زمن الملكين الأشوريين سنحاريب (704-671 ق. م) و ولده آسرحدون و كان مستشاراً أو وزيراً لهما، و كان حكيماً عظيماً ذا مال وفير و معرفة و رأي و تدبير. لم ينجب ، فتزوج عدة نساء ، ولكنه بقي من دون وريث. أشار عليه العرّافون والمجتمعون أن يذبح للآلهة ، ولكنه لم ينل مبتغاه. إلا أنه سمع صوت الإله يوماً يقول له: خذ نادان ابن أختك واجعله وريثك ؛ علّمه علمك ، ولقّنه حكمتك ، فأخذ نادان ، و كان لا يزال رضيعاً، واعتنى بأمره. ولما شبّ علّمه الكتابة والقراءة والأدب والحكمة والعلوم. وبعد سنوات، كبر احيقار و شاخ ، فأشار عليه الملك أن يعيّن من يخلفه في منصبه. فأجابه أنه قد اتخذ من ابن أخته ولداً، فأمره الملك بإحضاره ، وعجب لأدبه وحكمته ، فوافق على تعيينه خلفاً له. فأخذ خاله احيقار يبذل النصح له، ويطلعه على أسرار النجاح في مهمته، سارداً له تجاربه في الحياة.
إلا أن نادان يخيّب آمال خاله ومربّيه ، فيصبح خاله وأهله عرضة لتقولات شتى ، حتى يضطر احيقار أن يعاقب نادان ويسترد منه الميراث، مانحاً إياه إلى الأخ الأصغر، فيحقد نادان على خاله ، ويضمر له العداء، ويدبر خطة للإيقاع به، فيلجأ إلى طريقة دنيئة، إذ يدس على احيقار خطابين موقّعين باسمه : الأول موجه إلى ملك الفرس، والثاني إلى فرعون مصر، يظهر احيقار في كليهما خائناً لوطنه وملكه ، إذ يطلب من الملكين المجيء إلى بلاد آشور لكي يتسلّما المملكة بغير حرب. ويقع الخطابان في يدي الملك وفق الخطة المرسومة، ويزوّر نادان خطاباً ثالثاً موجهاً من قبل الملك إلى احيقار يطلب إليه أن يجمع العساكر ويحضر في موقع معين، فيطيع احيقار وتثبت التهمة عليه، ويتأكد الملك هكذا من خيانته، فيصدر أمراً بالقبض عليه وقطع رأسه.
وتشاء الصدف أن يكون احيقار قد أنقذ سابقاً الرجل الموكل إليه أمر إعدامه ، فيدبّر هو وامرأة احيقار أمر نجاته ، وينفذ الحكم بأحد المحكوم عليه بالإعدام ، في حين يختبئ احيقار في مخبأ حديقة الدار لا يعلم به أحد.
تمرّ السنون ، ونادان مكان خاله مستشاراً للملك، لكنه غير متزن وضعيف الرأي، فيستغل فرعون مصر الفرصة لإحراج ملك آشور، فيبعث اليه مرسالاً يخيّره بين أمرين: أما أن يرسل من يبني له قصراً يقع بين السماء و الارض فتدفع له مصر الجزية ثلاث سنوات، أو يعجز عن ذلك فيدفع الجزية لمصر.
وإذ يجمع ملك آشور العلماء والحكماء والعرّافين ويعرض الأمر عليهم، يقرّ الجميع بعجزهم، ونادان كان أشد عجزاً منهم
. فيغتمّ الملك غمّاً شديداً، ويأسف على قتل احيقار الحكيم، ويطول حزنه حتى يمثل السيّاف بين يديه ويصرح بأنه قد أبقى على حياة احيقار اعترافاً له بالجميل، فيستدعيه الملك ويعرض عليه رسالة فرعون مصر. فيرضى بالسفر إلى مصر متحدياً فرعونها، وتقول الروايات انه لما مثل بين يدي الفرعون طلب منه أن يحضر كلساً وحجارة وطيناً لبناء القصر المطلوب وكان احيقار قد ذهب بنسرين وعلَم ولدين الركوب على ظهرهما . فأطلق النسرين وقد ركبهما الولدان فارتفعا في الجو . وبدأ الولدان يصرخان من فوق : وصلّوا إلينا الأحجار والكلس والطين لنبني قصراً لفرعون فانخذل فرعون و شعر باليأس واقر بمهارة احيقار وحكمته .ويرجع احيقار الحكيم إلى نينوى غائماً ظافراً معززاً مكرّماً، مثقلاً بالهدايا، ويجري له استقبال حافل وكأنه منقذ البلاد.
وينتقم احيقار من نادان ، فيربطه بسلسلة حديد، ويلقيه في مكان مظلم، ويؤنبه بكلام و حكم قاسية. و تقول القصة أن نادان انتفخ حتى انفجر ميتاً.

.....................................
مصادر داعمه للبحث

احيقار الحكيم من الشرق الادنى القديم - انيس فريحة

ادب الحكمة في بلاد الرافدين - صلاح سلمان 

آثر حكمة احيقار في الكتاب المقدس - الاب سهيل قاشا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق