الخميس، 2 فبراير 2017

                سنحاريب العظيم - Gilgamesh Sumerian 
       
الملك الآشوري سنحاريب 
Sennacherib

خلف سنحاريب أباه (سرجون الثاني) في عام 704 ق.م , وحكم الى عام 681 ق.م , (اي دامت فترة حكمه ثلاثة وعشرين عاما) , واشتهر هذا الملك بنشاط كبير في حقل البناء والتعمير ومشاريع الري الزراعية في بلاد اشور بالاضافة الى شهرته بأعماله الحربية وغزواته , واول مايمكن ذكره من اعماله العمرانية انه جعل نينوى العاصمة الرئيسية للأمبراطورية , ومن اجل ذلك وجه الشطر الاكبر من نشاطه العمراني الى تجديد ابنيتها وتجميلها وتوسيعها وتحصينها , فقد زينها بأقامة المعابد والقصور الجديدة وأنشأ الحدائق الباسقة , وجعلها عاصمة تليق بالامبراطورية الواسعة التي تطورت اليها المملكة الآشورية , فمن ناحية سعتها حولها من مدينة ذات محيط لا يتجاوز الميلين الى مدينة بلغ محيطها زهاء ثمانية أميال , وضمت قسمين جديدين خصصهما الملك سنحاريب للقصور والمعابد , وهما الموضعان المعروفان الآن بأسم تل"قوينجق" وهو القسم الشمالي من المدينة , وتل النبي يونس , في الجانب الثاني من المدينة على يمين الطريق الحديث من الموصل الى بغداد.
اما على الصعيد الحربي , فقد وجه الملك سنحاريب نشاطه الحربي بالدرجة الاولى الى الجبهة الغربية (بلاد الشام) وبلاد بابل . اما في الجبهتين الشمالية والشرقية اللتين بذل فيهما ابوه جهودا كبيرة فقد سادهما شيء من الهدوء والاستقرار النسبيين في عهد سنحاريب , فاقتصر الامر على ارسال حملات حربية ليست كبيرة الى جبال "زاكروس" وآسيا الصغرا ولاسيما اقليم "كيليكية" , وجاء ذكر اليونان , وبوجه خاص اليونان الأيوونيين , لأول مرة في اخبار الدولة الآشورية في كتابات سنحاريب.
وظهرت في زمن سنحاريب اقوام جديدة اندفعت من الانحاء الجنوبية من روسيا , وهم "الكميريون" (Cimmerians) الذين ورد ذكرهم في اخبار هذا الملك بهيئة "كمرايا" (Gimirrai) , وقد عبرت هذه القبائل جبال القوقاس في نهاية القرن الثامن ق.م الى اسيا الغربية وبلاد الأناضول , وفي بلاد فينيقيا وفلسطين أظهرت جملة دويلات العصيان والثورة على السلطة الآشورية , وقد جاء في هذه المرة جيش مصري لمساعدتها , وكان من بينها مملكة "يهوذا" في عهد ملكها "حزقيا" ,فبادر سنحاريب الى ضرب هذه الدويلات في عام حكمه الرابع (701ق.م). حتى اتم اخضاعها ونصب بدلا من الحكام والامراء السابقين حكاما جددا, وضيق الخناق على مملكة يهوذا وحاصر عاصمتها اورشليم , وترك على حصارها اكبر قادته الذي ذكر في التوراة بأسم ال"رابشاقة" (معناه كبير السقاة) , فقد أبى الملك "حزقيا" الخضوع والاستسلام بتحريض النبي"اشعيا" , ولاتعلم نتيجة الحصار بوجه اليقين , فتروي التوراة ان الجيش الآشوري حل فيه الوباء وفتك به , ولكن المرجح ان الجيش رفع الحصار عن اورشليم مقابل دفع جزية كبيرة من الفضة والذهب والنساء , من بينهن بنات الملك , كما جاء في حوليات سنحاريب.
ويبدو ان سنحاريب وضع الخطط وهو في فلسطين لغزو بلاد مصر , وشرع بالزحف في الطريق البري التأريخي من فلسطين حتى بلغ موضع العريش "رفح" , على بعد نحو (30) ميلا شرقي القناة الآن ولكن هذه الحملة لم تحرز النجاح بسبب العواصف والزوابع الترابية التي حالت دون مواصلتها السير الى داخل الاراضي المصرية , اما التوراة فتنسب اخفاق الحملة الى التدخل الالهي حيث ان"ملاك الرب خرج ليلا وضرب مائة وثمانين الف وخمسة آلاف".

وفي بلاد بابل أظهر سنحاريب القسوة البالغة ازاءها بسبب ظهور الثائر القديم مردوخ بلادان الذي ثار في عهد أبيه واستقل في بلاد بابل فترة طويلة , فعاجله سنحاريب في العام 703 ق.م وقضى على جموعه , ولكنه استطاع الافلات من الأسر , ونصب سنحاريب على بابل احد اتباعه من البابليين المسمى "بيل – ابني" الذي نشأ وتربى في نينوى , على ان مردوخ – بلادان ظهر مرة اخرى من بعد ثلاث سنوات , ولكنه اخفق في مسعاه , وبعد ستة أعوام على هذه الاحداث صمم سنحاريب على غزو المدن العيلامية في سواحل الخليج , فجهز لهذا الغرض حملة بحرية وبرية ضخمة في عام 696 ق.م وطهر الاجزاء الجنوبية من الثوار من انصار الثائر " مردوخ بلادان" والتقى من بعد ذلك الجيش البري بالأسطول الذي سيره الملك من نينوى الى مدينة "اوبس" وعندها نقله الى الفرات , وكان موضع الألتقاء في المدينة المسماة "باب ساليميتي" القريبة من مصب الفرات بالخليج , حيث كان النهران يصبان في الخليج منفردين . ونجح سنحاريب في غزو المدن العيلامية الساحلية , ورجع يحمل الغنائم وأسلاب الحرب الكثيرة , ولكن هذه الضربة لم تقض على تجدد الاطماع العيلامية ببلاد بابل , اذ انها استمرت من بعد ذلك في تحريضها على العصيان , فثار البابليون في عام 689 ق.م , وعندئذ صب سنحاريب جام غضبه على بلاد بابل فدمر المدينة المقدسة ودك حصونها وقصورها وسلط ماء الفرات على انقاضها واقسم ان بابل لن تقوم لها قائمة طوال 70 عام . ولما ترك بلاد بابل عين ابنه أسرحدون واليا عليها بالنيابة عنه

........................................................

مصادر داعمة للبحث

ملوك اشور - د.محمد الجميلي

عظمة اشور - هاري ساغز

احيقار الحكيم من الشرق الادنى القديم - انيس فريحة

العراق القديم - جورج رو

قصه الحضارة - ول ديورانت

هناك تعليق واحد: